في ذكرى الدكتور يحيى الرخاوى: قصة مؤثرة يرويها بنفسه عن بداياته
فقدت الساحة العربية للطب النفسي في السنوات الأخيرة أحد أبرز أعمدتها ومفكريها، الأستاذ الدكتور يحيى الرخاوى، الذي وافته المنية بعد مسيرة حافلة بالعلم والعطاء. كان الدكتور الرخاوى - رحمه الله - أكثر من مجرد طبيب نفسي، بل كان فيلسوفًا وأديبًا ومعلمًا لأجيال من الأطباء والمتخصصين.وتكريمًا لذكراه ومسيرته العطرة، قمنا بتحديث هذه الصفحة، التي كانت مخصصة في الأصل للإعلان عن أحد لقاءاته الشهرية في عام 2021، لتصبح صفحة دائمة تحتفي بسيرته وتحفظ لنا قصة من قصصه الملهمة التي يرويها بنفسه عن فلسفته في العلاج.
نبذة عن مسيرة أ.د. يحيى الرخاوى
يُعتبر الأستاذ الدكتور يحيى الرخاوى أحد رواد الطب النفسي الحديث في مصر والعالم العربي. لم تقتصر إسهاماته على الممارسة الإكلينيكية فحسب، بل امتدت لتشمل الكتابة والتأليف في مجالات الطب النفسي والفلسفة والأدب. أسس "مؤسسة الرخاوي للتدريب والأبحاث العلمية" التي أصبحت منارة للعلم والتدريب في هذا المجال. تميز منهجه العلاجي بالعمق الإنساني والربط بين التحليل النفسي والثقافة المصرية الأصيلة، معتبرًا أن العلاقة الإنسانية بين الطبيب والمريض هي جوهر العملية العلاجية.
بداياته وفلسفته العلاجية: بقلمه
في هذا النص المؤثر، الذي نُقل عن موقعه الرسمي، يروي الدكتور الرخاوى كيف تشكلت رؤيته للطب النفسي منذ بداياته الأولى، قائلاً:
منذ بدأت ممارستى للطب النفسى، وأنا بعد طبيب امتياز كنت أشاهد أستاذى أ.د.محمود سامى عبد الجواد... وهو يجلس مع بعض المرضى قرب انتهاء العمل الروتينى... وتطول الجلسة إلى حوالى ساعة وأنا متعجب لماذا تطول...
ذات يوم... أصيبت مريضة فى عيادة الأستاذ عسكر بما أدى إلى دخولها القسم، وأنا الطبيب المقيم، وأثناء حديثى مع أستاذى الدكتور عسكر عنها، وجدته متأثرا جدا... ثم صمت فجأة، وتهدج صوته (هكذا خيل إلى) وقال ما لم أعتده منه ” .... يبدو يا يحيى أننى كنت أحبها فعلا”... (عرفت فيما بعد، أن هذا هو ما يسمى الطرح المقابل، Counter Transference وهو الذى يشرح معالم مشاعر المعالج نحو مريضه...).
بدأتُ من هذا التاريخ الباكر، أحذو حذوهما، أجالس المريض(ة) خمسين دقيقة بالتمام والكمال، وأحسن الإنصات أكثر مما أتحمس للكلام...
بدءا من هذه الخبرات الباكرة جدا عرفت معنى العلاج من خلال علاقة إنسانية تنبع من ثقافتنا “معا” عرفت أن العلاج النفسى ليس فقط فى الطب النفسى وإنما هو فى كل التخصصات، وعرفت أن المسألة هى علاقة مسئولة بين مريض فى حاجة إلى “كبير خبير” (إللى مالوش كبير يشترى له كبير).
إرث من العلم والمعرفة
كان الدكتور الرخاوى - رحمه الله - حريصًا على مشاركة علمه مع الجميع من خلال لقاءاته الشهرية المفتوحة التي كانت تعقدها "مؤسسة الرخاوى". وكانت هذه اللقاءات تتناول موضوعات عميقة تجمع بين الطب النفسي والفلسفة والحياة.
على سبيل المثال، كان لقاء شهر أكتوبر لعام 2021، الذي خُصص له هذا المقال في الأصل، يناقش موضوعًا فلسفيًا عميقًا بعنوان "ماهية الإرادة في المرض النفسى والحياة".
بالإضافة للقاءاته، ترك الدكتور الرخاوى إرثًا ضخمًا من المؤلفات والكتب التي أثرت المكتبة العربية. ويمكن تحميل أحد كتبه الهامة في مجال التحليل النفسي للأطفال من خلال الرابط التالي:
